بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادى له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمدا ً عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما ً كثيرا ً ..... اما بعد

إخوتى وأحبتى فى الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في شهر رمضان عام 1393هـ / أكتوبر 1973 م :
أتى نصر الله ، وتغلبت الجيوش المؤمنة على القوات الإسرائيلية الغاشمة.
وتحقق وعد الله في قوله -سبحانه وتعالى : { وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } الحج 40، لقد تحقّق نصر الله بعد سنوات طوال من الصراع مع العدو الإسرائيلي الذي كان يكسب كل جولة .

ذلك لأننا لم نكن نـُحسن الصلة بالله - سبحانه وتعالى - ، ولم نكن نأخذ بالأسباب الحقيقية للإعداد والاستعداد الجادّ لملاقاة العدو.
ولكن عندما غيّرنا أحوالنا كما أمرنا الحق - تبارك وتعالى - في قوله الكريم :{ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ } الرعد11 ، وحينما أعددنا أنفسنا عقائديًا وماديًا إعدادًا جيدًا كتب الله لنا النصر.

كانت حرب رمضان عام 1393هـ حربًا مباركة، وكانت في أيام مباركة من شهر مبارك هو شهر رمضان المعظم :
وهو شهر مفضّل في الإسلام ترفع فيه الأعمال الصالحة ، فما بال الجهاد والقتال فيه لنصرة الحق والدفاع عن الحرمات..؟ ، وقد بدأت المعركة يوم العاشر من رمضان وأعطي لها الإسم الرمزي "بدر" تيمنًا بمعركة بدر التي كانت فاتحة خير على المسلمين ، حيث نصرهم الله - سبحانه وتعالى - بعد أن كانوا أذلة.

إن نصر العاشر من رمضان لم يكن من قبيل المصادفة : إنما هو ثمرة عوامل كثيرة أولها : الأخذ بالأسباب والإعتماد على الله - سبحانه وتعالى - ، فكان التخطيط الدقيق ، والتدريب الشاق ، والإعداد الكامل ، والتنسيق الشامل على كافة المستويات، وقد توّج كل هذا بقلوب عامرة بالإيمان بالله - سبحانه -، وقوله تعالى: { وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ } آل عمران126، وهكذا نجد أن طريق النصر هو تقوية الصلة بالله - عز وجل -، حتى يؤيدنا ويقف بجانبنا.
أما القوات التي تبتعد عن الله فإنه يتركها لعدوها قوة أمام قوة وسلاحًا في مواجهة سلاح ، ويتحكم في الصراع العوامل المادية فحسب.

إن حرب "رمضان" التي اتخذت شعارًا لها "الله أكبر" : كانت حربًا عادلة تهدف إلى مقاومة الظلم والعدوان الإسرائيلي قام بها رجال ملأ الإيمان قلوبهم.
وفي الختام نقول: إن حرب رمضان / أكتوبر 1973 ، كانت نصرًا من عند الله - سبحانه وتعالى - وتمكينًا لنا في الأرض ، وكان واجبًا علينا قبل ذلك وبعده أن ننفذ أوامر الحق - جل جلاله - في قوله الكريم : { الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ } الحج41

وهكذا يتبين لنا أن النصر على الأعداء مرتبط إرتباطا ً وثيقا ً
بالتقرب إلى الله وتوثيق الإيمان به وبأوامره ونواهيه ، وحُسن عبادته وطاعته

تلك كانت تأملات روادتنى مع هذه الذكرى العطرة لأيام كانت وستظل
من أمجد وأخلد وأعظم الأيام التى بدأنها بالنصر على انفسنا
الأمارة بالسوء فكان النصر المؤزر على عدونا "عدو الله والأسلام ".

ونسأل الله تعالى أن يُهيئ لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعة الله ويذل فيه أهل معصية الله ويؤمر فيه بالمعروف وينهى عن المنكر ... اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن تصلح شعوبنا وولاة أمورنا ... اللهم أهدنا لأحسن الأخلاق والأعمال لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئ الأخلاق والأعمال لا يصرف عنا سيئها إلا أنت يا ذا الجلال والإكرام
والله أسأل أن يتغمد شهدائنا الأبرار برحمته وكرمه فى أعلى الجنان
وأن يرزقنا شهادة فى سبيله ، تكن لنا حُسن ختام .
و صلِّ اللهم وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .